تضخم الشعور بالمظلومية لدى أبناء المجتمع وآثارها السلبية

محرر الموقع
وقع ظلم كبير على أئمة أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على مدى الزمان وصفحات التاريخ خير شاهدا على ذلك وتفننت الدولة الأموية والعباسية بتلك الممارسات على الأئمة أولا وشيعتهم ثانيا ولم تقتصر على هاتين الدولتين وإنما استمر حتى الوقت الحاضر وإن اختلفت النسبة ،وكان معاوية هو السباق إلى ذلك فقد منع عطاء الشيعة من بيت المال بل محا أسمائهم من الديوان [1] وتضاعف الأمر عند العباسيين ومن جاء بعدهم. وفي العصور المتأخرة ، وتبعا لفكر الهزيمة أصبح هناك شعور بالمظلومية والاضطهاد كبيرا جدا وتحول إلى حالة ثقافية بحيث يفكر بها الإنسان الشيعي ووصل الشعور بالاضطهاد والمظلومية إلى أنه قدر مكتوب عليه . ومكمن الخطورة في هذا الشعور أنه أصبح متضخما وطاغيا وتحول إلى فلسفة وثقافة فإذا سألتهم عن سر تأخرهم أجابوك أن الشيعة مكتوب عليهم ذلك وهذا الشعور في تضخمه كاذب والثقافة في هذا المعنى ثقافة خاطئة لا يسندها القرآن و لا تفهم من الروايات بل يفهم من الروايات خلاف هذه الثقافة بل وتعارض القرآن الكريم أحيانا ] وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [[2] ألا تعارض تلك الثقافة هذه الآية فالآية تقول العزة للمؤمنين ومن المفروض أن يكون أتباع أهل البيت في أقصى درجات الإيمان بينما تلك الثقافة تقول أن الذلة والظلم مكتوب عليهم وكذلك يقول القرآن ]وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [[3] وهذه الثقافة تقول أن شيعة أهل البيت هم الأذلون و الأقلون وهم الذين كتب عليهم قدر التخلف وسلب الحقوق أليست هذه مخالفة صريحة للقرآن ؟. هناك أفكار غالبا ، أفكارا على المخطئ وأحيانا الخطأ في الفكرة يولد آثار خطيرة على سلوك الإنسان وهذه الفكرة ، فكرة تضخم الشعور بالمظلومية هي فكرة خاطئة ولها آثار سلبية خطيرة على حياة الإنسان ولها آثار سلبية فما هي هذه الآثار : أولا اليأس: إذا عششت هذه الفكرة في الإنسان فانه سيبقى في مكانه يراوح مكانه ولا يتقدم بعد أن تملكه الشعور بالمظلومية فأصبح اليأس هو الذي يسيطر عليه ويرى أن هذا الوضع كتبته الأقدار على جبينه لأنه موالي لأهل البيت مثل ما قدر الله على الأئمة ذلك فإنه مقدر على شيعتهم أيضا فهل يستطيع أن يغير القدر هذا هو اليأس وإذا دب في مجتمع فاقرأ عليه الفاتحة . فالإنسان أنما يتحرك في الحياة بطاقة الأمل وإذا نفذت هذه الطاقة فسوف يبقى الإنسان خاملا هذا على مستوى الفرد فكيف إذا عشش هذا الشعور في مجتمع بكامله فإن ذلك المجتمع ميت وهذا اليأس ناتج عن تضخم الشعور بالمظلومية والاضطهاد عندما تتحول إلى ثقافة خاطئة ثانيا الإحساس بالعجز : من آثار هذه المشكلة العجز والنقص والضعف إذا أصبحت فكرة الانتماء لأهل البيت ضمن فلسفة معينة إن هذا الانتماء نتيجته الظلم و الاضطهاد إقتداء بالأئمة الذين كانوا مضطهدين ومظلومين فإذا ذهب أي شخص ليأخذ أي حق من شخص لا ينتمي إلى الطائفة يكون الشعور المسيطر عليه أنه مهزوم فيعين غيره على نفسه ولهذا عندما سئل أمير المؤمنينu عن السر الذي يجعله يهزم كل من يبرز إليه أجاب لأن غيري يعينني على نفسه ، وعندما سئل كيف أجاب ما برزت إلى أحد إلا ويعتقد أني قاتله وأنا واثق أنني أقتله ...هذا الكلام يعني أن خصوم أمير المؤمنينu يكونون منهزمين نفسيا فيضعفون في المقابل الثقة عند أمير المؤمنينu وتوكله على الله فإنه ينتصر ويتغلب على خصومه ولذا يجب علينا أن لا ندع هذا الشعور يتسرب إلينا فننهزم نفسيا فقط لأننا من شيعة أهل البيت فنعين الآخرين على أنفسنا، وإذا أراد أحدنا أن يفعل شيئا فإنه يكون منهزما نفسيا ويعتقد أنه لن يوفق. ثالثا التبرير: أن تضخم مشكلة الشعور بالمظلومية تصبح حالة تبرير إلى التقاعس والكسل وقلة النشاط فلا أن نكون صادقين في تحليل الأمور فيصبح الانتماء إلى المذهب هو سبب الكسل فيتوهم الطالب مثلا أن سبب رسوبه تقصد المعلم في ذلك وليس تقصيره وهكذا على كافة الشرائح الاجتماعية يصبح شعور أن السبب في التأخر هو هذا الانتماء ولأن الناس كلها تتقصد المنتمين للمذهب ربما يكون بعضه صحيحا في تقصد الغير علينا ولكن هل كل حالة فشل مهما كان نوعها سببها تقصد الآخرين؟وبدلا من التفكير في نقاط الضعف نأتي بهذه التبريرات ونضع المسؤولية على غيرنا ،فتصبح هذه المشكلة هي الغطاء الذي نبرر عليه فشلنا . تلك هي الآثار التي تنتج عن تضخم الشعور بالمظلومية والاضطهاد ولكن هل لاحظنا أو وازنا بين الظلم الذي وقع على أهل البيت والذي يقع علينا فالظلم الذي وقع على أهل البيت والشيعة السابقين أكثر بكثير من الظلم الذي يقع على الشيعة في العالم اليوم و ولكن تضخم الشعور بالمظلومية عندنا أكثر منهم بكثير بل على العكس هم حولوا ذلك الشعور بالمظالم إلى إنجازات بينما نحن أصبحنا نكرس هذا الشعور لكي نجعله تبريرا. وينبغي على الإنسان أن يضع هذه المشكلة في حدودها فتعرض الشيعة للظلم طوال تاريخهم هذا صحيح ولكن هل الشيعة وحدهم تعرضوا إلى مثل هذا الظلم فالفلسطينيون مثلا ألا يتعرضون إلى ظلم أكثر ؟والأكراد ألم يتعرضوا إلى ظلم ؟ ألم يموتوا بالجملة ؟ فينبغي أن لا يفكر الإنسان أنه إذا نعرض إلى مجموعة من المضايقات أو الظلم أن يجعله حالة تبريرية للوضع الذي هو فيه فيؤثر ذلك في ثقافته وفي سلوكه وفي عمله وسائر نشاطاته في المجتمع لأن ذلك غير صحيح بل القرآن الكريم يقول]أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [[4]فلو نلاحظ الإنجازات في مقابل المظلومية تجد أن الإنجازات التي حققها أهل البيت عيهم السلام على مدى التاريخ أضعاف مضاعفة من المظلومية التي حلت عليهم والله يقول قد أصبتم مثليها من الإنجازات مرات وتحدثنا عن الدول الشيعية عبر التاريخ وإسهاماتهم في الفكر الإسلامي وعظم ثمرة جنوها ولا نزال نجنيها هي بقاء المذهب رغم تلك الصعوبات التي عصفت بهم. ولنرى في التاريخ من الذي انتصر وحقق إنجازاته و أهدافه هل الشيعة أم أعدائهم هل الذي أراد أن يمحي الإسلام أم القائل خرجت في طلب الإصلاح في أمة جدي ؟ ويقول الشاعر في هذا المعنى : ضنوا بأن يزيدهم قتل الحسين لكنما قتل الحسين يزيدا ثم أن هذه المظلومية إذا أصبحت تحدي واستطاع التغلب عليه فأن هذا الفئة التي تجاوزت التحدي سوف تصبح أقوى مما كانت عليه قبل التحدي كما يقول أرنولد توينبي . لذلك يجب علينا أن ننشر في مجتمعنا ثقافة الإنجاز ولابد أن نتساءل لماذا أخبار المشاكل تنشر عندنا بينما أخبار الإنجازات ليست كذلك . ---------------------------------------------------------------- 1 الشيخ محمد صادق النجمي، أضواء على الصحيحين ص 53 2 المنافقون (8 ) 3 آل عمران (139) 4 آل عمران (165)